حسن فتحي .. فيلسوف العمارة العربية

محتويات البحث :

مقدمة
نشأته
مشروع قرية القرنة
قرية باريس الصغيرة
السيرة الذاتية
الجوائز التي حصل عليها

مقدمة :

 

لقب بـ ( شيخ المعماريين ) و ( معماري الفقراء ) وهذا اللقب هو رمز جامع لفلسفة المعمارية التي قضى عمره الطويل ( 88 عاماً ) يدافع عنها , هو إنشاء بيت تتوافر له أربعة صفات أساسية :

الكلفة الرخيصة _ والبساطة الأنيقة _ والراحة _ والجمال

في الوقت الذي نجد فيه أن أعمال المعماريين بصفة عامة لا تمس عمارة الفقراء بشيء كما أن مناهج التعليم المعماري تغفل هذا الشق من عمارة الأغلبية الساحقة وتقتصر على عمارة الخاصة والأغنياء سواء في صورة قصر أو فيلا أو قصر مؤتمرات .... الخ

شملت شخصية حسن فتحي المعمارية العالم الهندسي وأصبح محط لأنظار المعماريين الوافدين إلى مصر من كل أنحاء العالم وكان له أتباعه وتلامذته .

وقد كانت لعمارة حسن فتحي وفلسفته نجاحها خارج بلده مصر حيث الإمكانات والعقول الواعية , وإخفاقها في مصر حيث البيروقراطية وأصحاب المصالح والذين لا يهمهم شأن الفقراء , وحين نشر كتابه ( عمارة الفقراء ) باللغة الانكليزية قال :"إن ظاهرة الاغتراب لا تزال موجودة في العالم العربي " .

وقال عنه أندريه بيوت , من مؤسسة الآغا خان :

" بتعدد معارفه يقترب من أمثلة عظماء عصر النهضة , فهو عالم اجتماع , وعالم نفسي , وتقني , واقتصادي , وفنان تندر أمثلته في العالم الثالث " .

نشأته :

ولد حسن فتحي عام 1900 م

- نشأ في كنف عائلة متعلمة وثرية .

- كان يهوى فن الرسم والموسيقى .

- يتقن اللغتين الانكليزية والفرنسية إضافة الى تمكنه من اللغة العربية .

- اعتنق ودرس العمارة الكلاسيكية كأسلوب ومنهج سواء كان ذلك في المناهج الدراسية أو في الممارسة المهنية وذلك لأن المدرسة المعمارية في المنطقة العربية ارتبطت بالنظم الغربية سواء الإنكليزية أو الفرنسية لكنه اختلف عن جميع من اتبعوا هذه المدارس وارتبط بعمارة البيئة وخاصة العمارة الريفية وأصبح علماً من أعلام العمارة في العالم .

- وقد كان الحسن فتحي فكره الخاص والذي ينطلق من :

1- عمارة الفقراء : حيث يقول " ان فقراء العالم الثالث هم عملائي الحقيقيون "

2- البناء بالجهود الذاتية : وهنا يقول " لا شك أن رجلاً واحداً لا يستطيع أن يبني بيته , ولكن يستطيع عشرة رجال أن يبنوا عشرة بيوت لو تعاونوا , ومع الوقت يبنون قريتهم "

وكان يرى أن صيغة المقاولات ليس لها مكان في عمارة الفقراء .

3- تكنلوجيا البناء المتوافقة :

وهو التوافق بين التكنولوجيا والبيئة الطبيعية وما تحويه من مواد طبيعية وما يسود فيها من مناخ , والتوافق مع ثقافة المجتمع في المستوطنات المختلفة وتقاليدها الفنية والروحية وظروفها الاجتماعية والاقتصادية .

وهنا يجري البحث عن طراز الحياة الذي يتفق مع البيئة الطبيعية ويحل مشكلات ملايين البشر من ذوي الدخل المحدود أو ممن ليس لهم دخل كما أن الأمر يتطلب خلق عصر جديد تكون فيه التكنولوجيا المتوافقة في خدمة الانسان وليس العكس .

الأصالة والتطوير :

إننا نحتاج إلى فهم مكان وضع العمارة في حركة تطور الحضارة الانسانية وأن نعترف بان العمارة تشمل الإنسان والتكنولوجيا وليس التكنولوجيا وحدها , فالمحك في تقييم أي مخطط هو الإجابة على السؤال : هل هو للإنسان أم لشيء آخر ؟؟

أزمة العمارة الحديثة وأزمة الإنسان :

وصل الاتجاه الحديث في العمارة إلى طريق مسدود , كان نتيجة لأسلوب الفرض من أعلى من رواد عمارة القرن العشرين الذين فلسفوا ونظروا في مكاتبهم وتجاهلوا جمهور المنتفعين من عامة الناس الذين اصيبوا بالخوف في بادئ الرأي ثم الاستسلام لما هو حادث .

تأكيد شخصية الفرد في المجتمع العمراني :

وهي مبادئ متقدمة للتعامل مع بسطاء الناس من الكادحين في الأرض :

1-احترام إنسانية الإنسان وتأكيد خصوصيته .

2-تعويده على إبداء الرأي والاشتراك في اتخاذ القرار .

3- تحقيق تطلعاته واستيفاء حاجاته لخلق مجتمع الكفاية والعدل .

4-خلق عمارة بيئية متكاملة ذات طابع وشخصية لكل إقليم من أقاليم العالم المناخية أو الاجتماعية والاقتصادية .

5- محاربة مبدأ تعميم النموذج النمطي المتكرر على مستوى القرية ثم على مستوى المدينة ثم الإقليم ثم الوطن .

6- إحياء الأشكال المعمارية المحلية والفنون الشعبية والصناعات الحرفية التقليدية .

استعمال الطوب (( اللبن )) النيئ الطيني كمادة للبناء :

دعا حسن فتحي إلى استعمال مواد البناء المحلية , وهنا يقول : " انظر تحت أقدامك وابني " كما دعا الى احياء أساليب البناء التقليدية باعتبارها تكنلوجيا نابعة ومتوافقة مع البيئة " يجب أن يكون الإنسان سيد الالة التي باعدت بينه وبين بيئته "

الطابع والشخصية في المجتمعات العمرانية الجديدة :

" إننا نبني ونشكل البيت فيعود فيشكلنا كأفراد ونحن نبني المدينة فتعود المدينة فتشكلنا كمجتمع "

الأصول المعمارية البيئية :

بدأ حسن فتحي أعماله في أواخر الثلاثينات من القرن العشرين وتأثر بعمارة الريف المصري وعلى وجه الخصوص عمارة النوبة في أسوان وكانت بداية لتمسكه بما فيها من قيم :


•هي عمارة ذات قيم حضارية وإنسانية .

•بعيدة عن الاحتكاكات الحضارية وهي عمارة فطرية .

•عمارة لها فنها الخاص وبيئتها ولغتها الخاصة .

•تختلف عن المناطق الريفية في مصر .

وقد اكتشف القيمة الإنشائية والفنية للجدران الحاملة والقبوات والقباب من المواد المحلية ( الطين والتبن ) المنفذ ضمن قوالب ، وعرف كيف يتعامل مع الطبيعة والمناخ بوعي وأيقن أن حيز المبنى وفراغه هو في حقيقة الأمر امتداد خارجي للطبيعة الداخلية للإنسان .

- التهوية :

حركة الهواء ضرورية داخل المنزل لتبريد الجو والشعور بالراحة وقد تم تأمين ذلك عن طريق :

- الملقف أو صائد الرياح : ( البادجير )

وهو ممر عريض يعلو في الارتفاع عن بقية المنزل تترك الجوانب العلوية باتجاه الرياح مفتوحة لاصطياد الرياح ويدفعها إلى أدنى القاعة حيث يخرج بالمقابل الهواء الساخن من القاعة من النوافذ العلوية مما يشكل دارة تبادلية هوائية داخل الفراغ .

-  المشربيات 1 :

استخدمت المشربيات على النوافذ لتخفيف مرور أشعة الشمس والنور القوي ، والنوافذ السفلية دائماً مغطاة بالمشربية ، القسم السفلي منها شبك ناعم وهو المشربية الأصلية ، والعلوي من شبك عريض من الخشب المخروط .

• مشروع قرية القرنة :

في عام 1946 انتدبته إدارة الآثار المصرية لتصميم قرية ( القرنة ) غربي الأقصر ، وقد لحظ في التصميم إضافة إلى المساكن المتنوعة المستوصف والمسرح والمركز الاجتماعي والحمام العام ، ومعرض دائم للأعمال اليدوية والمنتجات ، ومجلس قرية ، وخان وساحة رئيسية .

واعتمد في الشوارع :

1- الإكثار من الظل .

2- الإقلال من السطوح المعرضة للشمس .

3- حسن توجيه المباني لتلقف الهواء .

4- استخدام الساحات أو الأحواش الداخلية لينساب الهواء الرطب منها إلى داخل المنزل .

5- عدم صلاحية مادة الإسمنت في مباني المناطق الصحراوية .

6-  أن تكون الشوارع المعدة لمرور السيارات والدواب متسعة ( على مقياس السيارة ) وغير مسقوفة .

7- عدم فتح نوافذ المراحيض على الشوارع والساحات المسقوفة .

8- خلق ساحات ذات الصبغة الإنشائية .

9- مراعاة العوامل الإنسانية والمعمارية في التصحيح .

وكان ينادي بأن يبني كل إنسان بيته بنفسه مستخدماً خامات البيئة المتوفرة .


•قرية باريس الجديدة :

في عام 1967 صمم حسن فتحي قرية باريس الجديدة في منطقة الواحات الخارجية لتأوي (250) عائلة مع المرافق الإدارية والتجارية اللازمة لخدمة القرية ، إضافة على ستة قرى صغيرة تابعة لها ، وقد اتبع طريقته في استخدام الخامات الإنشائية المحلية وسائر المبادئ التي نادى بها .

• قرية دار الإسلام في نيو مكسيكو بأمريكا :

دعي حسن فتحي ليصمم هذه القرية ، وذلك لمصلحة صندوق دار الإسلام وقال : " لقد بنيت عمارة للفقراء في أمريكا وكان حلم عمري أن أبني عمارات للفقراء في بلادي " .

وحسن فتحي المهندس الرائد عاش في منزله ذو الطراز القديم في حي القلعة بجوار جامع جوهر اللالا مع قططه الثلاثين وقد عاش عمره بلا زواج ، ووقف حياته كلها على دعوته ونضاله الفني الذي لايكل .

ويقول حسن فتحي مخاطباً المهندسين الناشئين :

" أمامكم طريق طويل ، وعليكن بالثقافة فهي في غاية الأهمية ، انظروا حولكم في البيئة التي تحيط بكم ، ادرسوها .. . تعلموا منها ولا تضيفوا إليها مايشوه جمالها فتنبذ أعمالكم .

إن مايلائم الريف لا يلائم الحضر ، ولا يلائم المناطق الصحراوية ، وإن انتقال فن معماري من بيئة إلى أخرى غريبة عنه ، أمر يمكن أن يرفضه الشعب لأنه يقطع مابينه وبين تراثه وما ورثه من علاقات وصلات ووشائج الملامح والقسمات ، ويفقد الإنسان هويته الخاصة به ، فالغربة في البيت هي أبشع أنواع الغربة .


السيرة الذاتية:

المعماري حسن فتحي

1900    ولد حسن فتحي في 23 آذار 1900 بالإسكندرية

1926    تخرج من جامعة الملك فؤاد الأول ( القاهرة ) دبلوم العمارة من كلية المهندس خانة .

1926-1930    مهندس في المجالس البلدية .

1930-1946    مدرس في كلية الفنون الجميلة .

1946    أصدر كتابه الثوري ( التعمير مع الشعب ) باللغة الإنكليزية ثم ترجم إلى عدة لغات .

1946-1953    صمم ونفذ قرية المقرنة الجديدة لحساب مصلحة الآثار .

1949-1952    رأس إدارة المباني المدرسية بوازرة التربية والتعليم .

1949-1953    خبير بمنظمة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين .

1949-1954    صمم ونفذ قرية لؤلؤة الصحراء لـ حافظ عفيفي باشا .

1953-1957    أستاذ بكلية الفنون الجميلة بقسم العمارة .

1954-1957    رئيس قسم العمارة في كلية الفنون الجميلة .

1957    صمم ونفذ مدرسة فارس بصعيد مصر .

1959-1961    خبير بمؤسسة دوكسياديس بأثينا وحاضر بمعهد أثينا الفني ، كما شارك مع مجموعة خبراء يبحث عن مدينة المستقبل .

1962    صمم ونفذ مركز التدريب بالواحات الخارجية بهيئة استصلاح الأراضي .

1966    خبير للتنمية الريفية بمشروع الأمم المتحدة للتنمية بالمملكة العربية السعودية.

1966-1967    استاذ زائر في قسم تخطيط المدن والعمارة بكلية الهندسة جامعة الأزهر .

1967     صمم ونفذ قرية باريس بالواحات الخارجية لهيئة تعمير الصحاري .

1969    نشر حسن فتحي كتابه ( عمارة الفقراء ) باللغة الإنكليزية .

1980    صمم مسكناً خاصاً للأمير صدر الدين آغا خان على الضفة الغربية لنهر النيل بأسوان .

1977     أساس وكان رئيس المعهد الدولي للتكنولوجيا المتوافقة .

1985-1988    رئيس شرف للمؤتمر الدائم للمعماريين المصريين .

الجوائز التي حصل عليها :

1967    جائزة الدولة التقديرية للفنون الجميلة – مصر .

1980    جائزة الرئيس – منظمة جائزة الآغا خان للعمارة – جنيف .

1984    حاز على الميدالية الذهبية الأولى من الاتحاد الدولي للمعماريين – باريس .

1987    جائزة لويس سوليفان للعمارة ( ميدالية ذهبية خاصة ) من الاتحاد الدولي للبناء والحرف التقليدية .

 

1989                وتوفي سنة 1989م

 


بحث من إعداد

المهندس المعماري عبد الرحمن بن حمزة النعسان

هناك تعليق واحد: